قال لي هشام أبن يحي الكناني، لحدثنك حديثا رايته بعيني .وشهدته بنفسي . قلت حدثني يا أبي الوليد.. قال غزونا أرض الروم سنة ثمانآ وثلاثين . وكنا رفقة من أهل البصرة وأهل الجزيرة ،وكنا نتناوب الخدمة والحراسة واعداد الطعام.. كان معنا رجل يقال له سعيد ابن الحظ ذو حظ من عبادة ،يصوم النهار ويقوم اليل , وكنا نحرسه علي تخفيف النوبة عليه لطول قيامه، وكثرة صيامه فكان يأبا الا بي القيام بكل المهمات ، وما رايته في ليل ولا نهار الا في حالة جدا واجتهاد ،،فأدركني وايه النوبة ذات ليلة في الحراسة ، وكنا قد حاصرنا حصن من حصون الروم ، فستصعب علينا ، فرايت من سعيد في تلك اليلة من الجلد والصبر علي العبادة ما جعلني أحتقر نفسي . أنه فضل الله يأتيه من يشاء فلما أصبح الصباح ولم ينم ، قلت له خفف علي نفسك ،فلنفسك عليك حق و النبي صلى الله عليه وسلم يقول أكلوا من العمل ما تطيقون .
فقال يأخي انما هي أنفاس تعد وعمرا يفنا وأياما تنقضي وأنا رجلآ أنتضر الموت في أي لحظه ،فبكيت لي جوابه ودعوة الله لي وله بي العون والتثبيت ,ثم قلت نم قليلآ لتستريح ، فأنك لا تدري ما يحدث من أمر العدو ، فنام تحت ظل خيمته ، وتفرق أصحابنا في أرض المعركة ، وأقمت في موضعي أحرس رحالهم وأصلح طعامهم. فبينما أنا كذاك اذ سمعت كلامآ يأتي من ناحية الخيمة ، فعجبت فليس الا سعيدآ هناك نائمآ ،ظننت أن أحدا قد جاه و لم اره. فذهبت الي جانب الخيمة فلم أرى أحدا ، وسعيدآ علي حاله نائمآ الا أنه كان يتكلم في نومه ويضحك ، أصغيت أليه وحفظت كلامه ثم مد يده وهو نائمآ كأنهوا يأخذ شيئآ ، ثم ردها بلطف وهو يضحك.
ثم قال فاليله اذا ,ثم وثب من نومه وأستيقظ ,وهو يرتعد خائفآ ، فحتظنته الى صدري حتي سكن وهدء ،فجعل يهلال ويكبر ويحمد الله ، فقلت ما شأنك ، فقد راية منك عجبآ وسمعت منك عجبآ ، فحدثني بما رأيت ، قال أعفني من ذلك فذكرته حق الصحبة وقلت لعل الله ينفعني بما تقول . فحدثني بما رأى في منامه … …قال جأني رجلان لم أراء قط مثل صورتهما جمالا وحسنا فقالا أبشر يا سعيد لقد غفر ذنبك، وشكر سعيك، وقبل عملك، وستجيب دعائك ،وعجلت لك البشرا في حياتك ،فنطلق معنا حتي تري ما أعد الله لك من النعيم قال فأتينا علي حور وقصور وجواري وغلمان وأنهار وأشجار فأدخلوني في قصرآ ثم الي دار فيه . حتي أنتهيت الي سرير عليه واحده من الحور العين، كأنها الؤلؤ المكنون فقالت لي قد طال أنتظارنا أياك فقلت لها اين أنا فقالت أنت في جنة المؤي قلت ومن أنتي قالت أنا زوجتك الخالدة فمددت يدي اليها فردتها بلطف وقالت ما اليوم فلا ،انك راجعآ الي الدنيا ، قلت لا أريد الرجوع . فقالت لا بد من ذلك . وستقيم هناك في الدنيا ثلاثآ ، ثم تفطر عندنا ان شا الله تعالى قلت بل الليلة ،قالت أنه كان أمرآ مقظيا ، ثم قامت من مجلسها ، فوثبت لقيامها فاذا أنا قد أستيقظة . وأنا اسألك بألله لا تحدث بي حديثي هذا وسترني ما حييت قلت أبشر . فقد كشف الله لك ثوب عملك .
ثم قام فتطهرا وغتسل مس طيبا ثم حمل سلاحه ونزل الي أرض القتال وهو صائم وظل يقاتل حتى اليل ، فلما أنصرف أصحابه وهو فيهم قالوا يأ أبا الوليد لقد راينا من هذا الرجل عجبآ ، حرص علي الشهادة ، وطرح نفسه تحت السهام والرماح وكل ذلك يصرف عنه قلت في نفسي لو تعلمون خبره ، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرآ ، قال فافطر علي قليلا من الطعام وبات ليلته قائما فلما أصبحا صنع كصنيعه بي الامس ، وفي أخر النهار عاد هو وأصحابه وذكروا عنه مثل ما ذكروا بي الامس حتي اذا كان اليوم الثالث ، انطلقت معه . وقلت لابد أن أشهد أمره ،واري ما يكون . فلم يزل يقاتل ، ويكبد الاعداء الخسائر وينكل فيهم ويصنع الأعاجيب . وأنا أره وأرعاه بعيني
ولا أستطيع الدنو منه …. حتي اذا نزلت الشمس الي الغروب وهو أنشط ما كان .فأذا رجلا من أعلي الحصن ، قد تعمده بسهم فوقع في نحره فخرا صريعا وأنا أنظر اليه فصحت بالناس ، فحملوه وبه رمق من حياه . وجاوا به يحملونه فلما رايته قلت له . هنيآ لك ما تفطر عليه اليلة .ياليتني كنت معك فأفوز فوزا عظيما .فعظ شفته السفلي وأوما الى بعينه وهو يضحك وقال أكتم أمري .والملتقاء الجنة ثم قال الحمد الله الذي صدقنا وعده ، فو الله ما تكلم شيآ غيرها . ثم فأضة روحه وأيات الله تناديه.